Saturday, July 4, 2009

حكايتي مع الآلام (2)



العودة من الموت


لا أستطبع أن أصف شعوري وقت معرفتي إصابتي بسرطان في جذع المخ.. لم يكن إحساساً واحداً وإنما مجموعة من الأحاسيس شعرت بها في ذات الوقت.

ولكن مع كل المشاعر السلبية كنت أشعر بالكثير من الأمل واليقين بالله تعالى. كانت أصعب لحظة هي وصول أمي وإخوتي إلى القاهرة في اليوم التالي فقد اتصل بهم والدي وأعلمهم بما أظهرته الأشعة. ولكم أن تتخيلوا حالي وحالهم ساعة التقينا: أسرة تعرف أن ابنتها بدأت السير في طريق لا يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى.. كنت أتألم جداً لا من الورم وما يسببه ولكن من مرأى دموع أمي وأبي التي حاولا أن يخفياها عني ولكن هيهات.


وبدأت رحلة العلاج سريعاً.. وأخذت 23 جلسة إشعاع بدأت أشعر بتحسن بعد الانتهاء من نصفها، ولكن من أن انتهت الجلسات حتى شعرت أن الأمور تمضي إلى الأسوأ وبدأت حالتي تتدهور.. ويئس الأطباء من حالتي وأبلغوا أبي أنهم قاموا بكل ما يمكن أن يفعلوه في مثل حالتي وأن على أسرتي أن تتأهل نفسياً لاستقبال خبر مؤلم خلال أيام ليس أكثر.


وقرر الأطباء أن يجربوا العلاج الكيماوي ولكن جسمي لم يقبله وقام بلفظه. وجاء أحد الأطباء باقتراح تجربة أحد الأدوية (تيمودال) التي تريد الشركة المنتجة تجربته على عدد من المرضى قبل تداوله. ولم يكن أمام أبي سوى الإذعان فهو كان يبحث عن أية قشة يتعلق بها لإنقاذ ابنته التي يعتبره الطب ميته لا محالة.


وبعد الجرعة الأولى أكدت الأشعة أن الورم تضاءل من 5 مللم إلى 3 فقط. واستمر الطبيب في إعطائي الجرعة المقررة حتى وصل حجم الورم إلى 2.5 مللم تقريباً. وقام بعرضي ساعتها على الشركة المنتجة لبيان نتيجة الدواء الذي تنتجه وبعدها... قررت الشركة عدم إمدادي بالدواء. وسخر الله أحد رجال الأعمال من معارف الطبيب فكان يأتي بالدواء باهظ الثمن ولكن بعد فترة قرر الطبيب وقف الدواء بشكل نهائي. ولم نعرف ما السبب وراء قراره إلى أن كانت المفاجأة. عرفنا أن هناك خبير فرنسي يزور مستشفى القوات المسلحة في الإسكندرية وتوجهنا إلى هناك على الفور. وما أن نظر إلى الأشعة حتى فجر قنبلة في وجوهنا بأن العقار الذي تم تجريبه على به نسبة كبيرة من السموم تظهر على المدى البعيد ويجب ألا أتعاطي هذا العقار مرة أخرى.


وبعد عودتنا إلى القاهرة قرر أبي أن نغير الطبيب فتوجهنا إلى طبيب آخر أخبرنا أنه لابد من العودة إلى هذا الدواء لأنه لا يوجد حل آخر سواه. وبالفعل استجبنا له كالغريق الذيي يتعلق بقشة أملاً في النجاة. وفي هذه الفترة بدأت في الشعور بصداع أليم لا أستطيع وصف الآلام الي يسببها لي. وأشار على الطبيب أن يتم تركيب صمام بالمخ ليقوم بامتصاص الماء الذي يفرز ويتسبب في هذا الصداع.


وبالفعل تم تركيب الصمام واستمر هذا الصمام يقوم بمهمته لسبع سنوات حتى العام الماضي عندما حدث ارتجاع للورم ليبدأ فصل جديد من الآلام.

0 تعليقات:

Post a Comment